هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ســــؤال في الهويّة..!؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mustapha
المدير العام
المدير العام
mustapha


عدد الرسائل : 399
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 22/01/2008

ســــؤال في الهويّة..!؟ Empty
مُساهمةموضوع: ســــؤال في الهويّة..!؟   ســــؤال في الهويّة..!؟ Emptyالسبت فبراير 23, 2008 3:04 pm

وقفتْ شابّة في طابور طويل تنتظر فرصتها في الوصول إلى ضابط الجمارك.. المهمّة الصّعبة في نظرها و التي لا بدّ و أن تنجزها..سمعت الكثير عن التفحيص و التمحيص و التعثرات التي ترافق العربي أثناء عبوره إلى الغرب خاصة في الآونة الأخيرة..لكن كل ذلك لم يثنيها عن التراجع عن قرار الرحيل و انتزاع كل المعوقات التي قد تعترض طريقها.. فالمسكينة انتظرت طويلا قبل أن تجتذبها الفرصة أخيرا و تمنحها فرحة يحدو فيها الأمل وجدانها و ينقّى أجواءها التي عكّر صفوها ملوّثات اختلقها الموروث العقيم.. الذي لا يولّد سوى الكبت و التسلّط و التهميش..و بين الثقة و التردّد في استكمال تلك الإجراءات التي أثقلت كاهلها فربّما الأقدار تتلقفها لتوقعها فيما لم يكن في الحسبان ..
كل الاحتمالات وضعتها أمامها آنذاك.. حين احتكم أمرها مفردة أنهكت تفكيرها طوال مشوار الرحلة "ربّما " التي وضعتها بين الاحتمالين لم تفارق خيالهاقطّ ..فجأة وجدت نفسها أمام أعين ذلك الضابط الذي يخيّل إليك وكأنه وحش في سمة بشر..بصوته الخشن و نظراته الموحشة التي تبعث في قلبك الخوف و الغيض.. ارتعشت يداها و اصفر وجهها كأنه اليوم الموعود..ولكن بريق عيناها أخفى عنها علامات الخوف و استتر تفاصيل عدة كانت تحتلّها ..تجاذبتها الأوهام من كل ناحية ..حينها وكّلت أمرها للخالق الذي لا يخيّب رجاء من دعاه.. جاء دورها الذي تمنت لو لم يأت أبدا..فكانت المواجهة المحتومة والتي لا مفرّ منها.
الضابط بصوته المزعج : ما هويّتك..! رغم أنه كان يعلم بها جيدا.. أجابت بصوتها الأنثوي الدافئ الخافت : عربية.. كانت تعلم جيّدا بأن عروبتها التي تفخر بها لن تنزع منها كبريائها و عنفوانها.. ثم أضاف : جنسيتك..!
أجابت: من أهل الشام.. و باستفزاز حادّ انتزع جواز سفرها.. فأمعن النظر في صورتها..لم يكن الله قد هداها إلى ارتداء الحجاب.. حيث أخفى معالم وجهها الذي كشفت عنه الصورة بوضوح ..شَعرها الذي غمره السواد و المسدل على كتفيها وعيناها السوداوين الساحرتين يغمرهما بريق جذّاب يلفت الأنظار..أدرك أنها عربية حقا ..عربية أبا عن جدّ..في ردائها المحتشم ،في حديثها المختصر المفيد الذي تعالت به إلى مراتب الشموخ .. فهي تتقن التحدّث بالأجنبي و تحسن التصرّف حين تتلقّفها المهالك رغم الضعف الذي يتملكها أحيانا..ابتسمت ابتسامة مختصرة يملؤها الوقار أيقنت حينها بأنها المنفذ إلى إخلاء سبيلها من رجل متحجر جبار لا مفرّ منه.. رجل متسلط يتقن فن المراوغة في الحديث .. و كأنه لقاء مع الطّاغوت.. شابّة عربية تريد العبور إلى الغرب
شابّة أوجدت لنفسها منهاجا مغايرا يحمل بين طياته تناقضات الحياة التي تتخلّلنا .. العبور إلى العالم الذي آمنت بأنه المأمن و المسلك الوحيد لتباشيرها ..لحرّيتها التي انتزعها الآخر..لأفكارها.. لعمقها الذي كسرت تفاصيل عدة أسراره..لكيانها المبنى للمجهول في كل الأحوال...المكان الذي يعترف بها و يحترمها حين تتجرأ بلفظ لا..و حين تقول نعم...الغرب الذي سينصفها من ضلالات الزمن ..الغرب الذي تنبعث منه صيحات التحرّر من قيود تحاصرها هكذا كانت نظرتها للغرب..الضابط من جديد : غرض السفر..!
العربية وباختصار شديد: العمل.. كانت تبحث عن العمل و عن نفسها..تبحث عن إنسانيتها التي جارت عليها تكثّلات رسّخت لمفاهيم جوفاء أوجدها العُرف حين أدركت أنه ليس هناك غير الغرب من يحررها و يتبنى رأيها .. صُُرّح لها بالعبور بعد مناورات خالت فيها العربية إقصاءها من حلمها ..فكانت بداية النهاية.. تمازجت فيها الفرحة بالحزن..فرحة الإفراج الذي نالته وحزن البعاد الذي لم تكن لتختاره لولا تلك الضغوطات..لم تصدق أن الحلم أخيرا عانقها..وأن قدماها وطأت أخيرا أرض الأحلام ..تلك إذا بداية النهاية.. لم يستنسخها الغرب ليجعل منها امرأة غربية شوّه التقليد تفاصيلها..بل حافظت على كل شيء يربطها بالعروبة و عمقها..حتى أن الاتهامات لاحقتها بسبب ذلك..فهي عربيّة شكلا و مضمونا..تطاولت عليها الأحداث..كان لا بد وأن تنزع الغطاء عن رأسها كي يرخّص لها بالعمل..لكنها لم تختلق الأعذار المبررة لذلك فتستسلم لدعوات تستأصل انتماءها.. لم تخن عهدها.. بل نادت بعبارة "أنا العربية " و رسّخت مفهومها حين عملت على تغيير نظرة الغرب لها..
حين أصرّت على إثبات نفسها ووجودها..لكن،، نظرتها للغرب لم تغيّرها تلك الإنزلاقات و الصور السلبية التي يختلقها الناس عن العرب هناك.. بل هناك تجدّرت لتجد لنفسها عشّا يحتضن أفكارها..يؤمن بإنسانيتها..التي استترها الآخرون..هناك ضمدت جراحات الماضي الموجعة.. فهنا أفضل حالا من هناك على أية حال..هكذا عبرت إلينا هذه العربية لتطلق العنان للحديث عن كل ما تجعّب في ذاكرتها عن الحياة..فقد آمن بفكرها الكثيرون..رغم أن السؤال عن الهوية يبقى محطّ أنظار الجميع هناك و السؤال الذي يتكرر في كل مكان.. و لكن رغم كل تلك الاختلافات يتصدر الإنسان كل شيء بعيدا عن انتماءاته المختلفة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minbar.yoo7.com
 
ســــؤال في الهويّة..!؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنبر العام :: الحوارات والقضايا الساخنة-
انتقل الى: