كانت مفردات اللقاء أو الاجتماع أو الاجتماع الاستثنائي بمعنى أوضح للصورة لوزراء الإعلام العرب تعبر عن خيبة كبيرة في فهمهم لأبسط قواعد العمل الإعلامي , الوثيقة أو مجموعة الكلمات على ورق التي تم سنها من قبل الوزراء الأفاضل بـ"مخمخة" أي صنع وزيرا أكبر الدول العربية مصر والسعودية تعبر عن أزمة في مواكبة البيروقراطية لتطور أنشأته الظروف قبل كل شيء آخر وقد تكون ظروف البيروقراطية وتشددها في سن القوانين قد أتاحت مجالا للإعلام أن يكون متنفسا للشعوب للبوح بما فيه لأي شيء وحتى لو كان " حيطة ", وقد يكون الهدف من الوثيقة هو مفتاح يتصوره الوزيران إياد مدني وأنس الفقي للتمديد لهما في وزارتهما أو كسب رضا الجهات العليا لكسب موقع أكبر من شيء اسمه " إعلام "..
ببساطة وزراء الإعلام العرب استيقظوا على نهضة في الإعلام لم يكونوا يتصورونها وفي نفس الوقت لم يستوعبوها فها هم يشاهدوا قادتهم العرب ينتقدوا في كل الفضائيات العربية حتى المحسوبة على وزارات الإعلام في العالم العربي أو جهات قريبة منها أو جهات نافذة أكثر من وزارة الإعلام في صلب الدولة , وها هم أيضا يتصوروا أن بإقرار هذه الوثيقة أو مجموعة الكلمات على ورق سيتمكنوا من السيطرة على الإعلام العربي وضبطه لكنهم واهمون لأن المسألة باختصار تتعداهم إلى أشياء في الطبيعة الإنسانية أكبر منهم وأكبر من مناصبهم جمعاء.
قرأت الوثيقة العتيدة أكثر من مرة ورأيت ما فيها من كلام يحمل أكثر من معنى حتى أني رأيت أن الوثيقة صيغت بإحكام شديد وملأت عن بكرة أبيها بالألغام لكن بفضل الله اكتشفت الثغرة بعد معاودة قراءة وقراءة , الوثيقة تكلمت عن الرموز وكلام كبير وطويل عن المحرمات وعن سحب الرخص فهي بمعنى أصح حمت كل ما كان ممكنا أن يحمى لكن الشيء الذي أغفله وزراء الإعلام العرب أنهم نسوا أن يحموا أنفسهم !.
لذلك أقول أننا نستطيع وبكل بساطة تخصيص يوم في الفضائيات العربية أو برنامج يتكلم عن الجهود الجبارة التي بذلها وزراء الإعلام العرب في دعم الحرية ودعم الرأي والرأي الآخر ونستطيع بحكم الوثيقة العتيدة أن نكشف فساد وزراء الإعلام العرب وكيف تراجع دور التلفزيونات الرسمية وفر الناس منها بعد أن شبعوا من عبارات المديح والتقديس والتهليل والتطبيل التي لا طائل منها, ولولا أن بعض التلفزيونات الرسمية العربية تحمل بين طياتها برامج مشهورة تراعي بعضا من الحرية وتوضح مشاكل الناس لما شاهد أحد هذه التلفزيونات , وبما أن الوزير السعودي إياد مدني قد حجب هذه النوعية من البرامج في قناة الإخبارية السعودية ووضع كل البرامج من الآن وصاعدا على خدمة التسجيل بدل على الهواء مباشرة فلا أعتقد أن أحدا سيشاهد الإخبارية أو غيرها من المحطات الرسمية السعودية بعد الآن لكن الوزير أدرك هذه الحقيقة المرة من وجهة نظره فقال " وش معنى أنا بس " لماذا لا نعمم التجربة الإعلامية الحرة على كل محطات التلفزة العربية؟ ومن هنا بدأ الوزير يتتبع الخطى نحو الوثيقة العتيدة الآنف ذكرها.
الوثيقة الجديدة تعبر عن أزمة وزراء الإعلام العرب مع الإعلام العربي الذي يحملون اسمه فقد أثبت الواقع وأثبتوا بخطوتهم الأخيرة أنهم لم يوضعوا إلا لكبت الإعلام وليس لضبط جو الحرية والمحافظة على الإعلام العربي من أن ينحرف إلى مسار الهدم عن مسار البناء, الوزير أنس الفقي في مقابلة مع قناة العربية قد يسمح لي وفقا للظروف أن اقتطع من كلامه عبارة قالها واستخدمها في غير سياق مريدها " فليستقل كل وزراء الإعلام العرب ".
