هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 علاقة التقنية بالثقافة والأخلاق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mustapha
المدير العام
المدير العام
mustapha


عدد الرسائل : 399
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 22/01/2008

علاقة التقنية بالثقافة والأخلاق Empty
مُساهمةموضوع: علاقة التقنية بالثقافة والأخلاق   علاقة التقنية بالثقافة والأخلاق Emptyالإثنين فبراير 25, 2008 10:34 am

علاقة التقنية بالثقافة والأخلاق
حواس محمود
في عصر المعلوماتية والاتصالات تزداد المفاهيم والمصطلحات والإشكالات الناتجة عن التطور التقني الذي يسميه المفكر والباحث السوسيولجي المعروف «ألفين توفلر» بـ «الموجة الثالثة» أي عصر المعلوماتية أو ثورة المعلوماتية بعد الموجة الثانية الثورة الصناعية والموجة الأولى الثورة الزراعية، وهذه الثورة (المقصود: الثورة المعلوماتية) تفرز تحديات ذات طابع ثقافي وأخلاقي تؤثر على شعوب أخرى بعيدة جغرافياً عن منبع هذه الثورة وبلغة أكثر تحديدًا شعوب العالم النامي ومنه شعوب العالمين العربي والإسلامي.
الثقافة والتقنية
لم تعد الثقافة كما كانت في الماضي خاضعة لوسائل تقليدية في النشر والانتشار، وإنما أصبحت اليوم متأثرة إلى حد بعيد بالتقنية عامة والتقنية الاتصالية خاصة، هذه التقنية التي استطاعت القيام بالاختراق الثقافي، أي أن السيطرة أصبحت للتقنية، التقنية تحمل الثقافة، الثقافة محمولة عبر التقنية إذ بإمكان التقنية بث الثقافة التي
تريد. ومن هنا جاء مصطلح «العولمة الثقافية» أي قدرة الثقافات الأقوى تقنياً على السيطرة على الثقافات الأضعف تقنياً، إذن التقنية بدأت تؤدي دوراً تأثيرياً بارزاً ليس على نطاق محلي، وإنما على نطاق عالمي، ومن هنا الخطورة التي باتت تهدد الثقافات المحلية من الثقافات المنتشرة عالمياً عبر أجهزة الاتصال المتطورة عالمياً، إن ثقافة التقنية تقوم على الاستخدام المكثف للمعلومات في استغلال مواردها الرئيسة وهي المعرفة وفي زيادة رصيدها منها، ولقد أصبحت الموارد الثقافة والذهنية أكثر وأخطر أهمية في حياة الأمم من الموارد الطبيعية، ولم تعد الثقافة العلمية والثقافة الإنسانية منفصلتين متباعدتين بل أصبحتا الآن ثقافة واحدة، يحدد الدكتور برهان غليون في ندوة «مستقبل الثقافة العربية» التي عقدت بالقاهرة آثار العولمة الثقافية التي تحمل مخاطر وتحديات في ثلاث نقاط رئيسة:
1- الاتجاه المتزايد مع ثورة الاتصالات إلى إخضاع الثقافة لمنطق التجارة، فقد ظهر ذلك واضحاً في مفاوضات «الجات» عام 1993م وإن كان قد طرح من دون نجاح مبدأ «الاستثناء الثقافي».
2- تعميق دينامية السيطرة الثقافية.
3- تعميم أزمة الهوية، حيث يتضاءل ـ مع تزايد الثقافات الأقوى في فضاء مفتوح ـ وزن الثقافات الوطنية ونفوذها.
ويمكن القول: إن مراكز المعلومات وتقنية الاتصال هي التي تمتلك اليوم مفاتيح الثقافة، ولذلك نجحت الدول الغربية في نشر ثقافتها عبر المحيطات والقارات والترويج لأفكارها وقيمها الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية على حساب اكتساح الثقافات الوطنية وطمس الهوية الثقافية للدول الفقيرة أو النامية وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى تحذير المؤرخ الثقافي (جورج ستيز) الذي يدرس في جامعة كامبردج من أن هذه الحضارة سوف تفرز تماثلاً كاسحًا يهدد الثقافات المحلية، ويعود مصدر معظم هذا التماثل إلى صناعات الإعلان والترفيه والسينما، فالأفلام والبرامج التلفزيونية الأمريكية تباع على نطاق واسع في كل أنحاء العالم وتبلغ الآن جملة المبيعات أكثر من 5 بلايين دولار سنويًا، ولقد وصفت إحدى الصحف الهندية في نيودلهي وسائل الإعلام هذه بأنها "النمل الأبيض تقوّض قيمنا وعاداتنا"، إن التقنية الاتصالية أصبحت ذا ربحية اقتصادية كبيرة بل الأكثر ربحية من أي صناعة أخرى، وباتت تشكل قسمًا كبيرًا من الدخل القومي وخاصة للولاياتالمتحدة الأميركية واليابان، ولذلك فإن العالم العربي مدعو للتعامل مع ثورة المعلومات والاتصالات بالتفاعل الواعي والتلاؤم المحصّن وإيجاد المضمون الإعلامي المنافس بالاعتماد على القوى والوسائل والإمكانات الذاتية التي يمكنها مواجهة هذه الثورة لا برفضها وإنما استيعابها وتفهمها والوصول إلى الطريقة المناسبة للتعامل معها، ويمكن التأكيد على أنه لا يمكن مقاومة تأثيرات التقدم التقني على كافة الصعد بسد المنافذ والانغلاق في آفاق ضيقة لأن سرعة رياح التقنية -إن جاز التعبير- أقوى من الانغلاق في مجالات ضيقة أو الركون للسكون والجمود واللافاعلية.
الأخلاق والتقنية
تؤثر التقنية والتطورات التقنية أخلاقياً على نفسية وممارسة الإنسان مثلما تؤثر ثقافيًا في نمط تفكيره، وفي مخزونه الثقافي وخصوصيته الأنثربولوجية المحلية والتاريخية، يتحدث الأستاذ محمود حيدر عن جدل العلاقة بين الإعلان -كنوع مهم من التقنية- والأخلاق ويستخدم تعبير أو مصطلح "أيديولوجيا المشاهدة" هذه الأيديولوجيا التي تشكلت عناصرها عبر التلفزة، ثم تحولت إلى أداة سيطرة هائلة تستخوذ على العقول والأنفس، ثم تتجه بما تتمتع به من جاذبية لتقبض على ناصية الأخلاق، وتديرها كما يدار الإعلان السلعي، ويقول: «لو أخذنا المعيار الغربي لإجراء المقاربة الإشكالية بين الإعلام والأخلاق لتوفر لنا المثال الأكيد والواضح، لم يعد الإعلام في زمن ما بعد الحرب الباردة مجرد عامل من عوامل التغيير التي تسهم في قلب أو تثبيت موازين القوى بين الدول أو داخل المجتمعات بالذات، لقد غدا هو العامل الرئيس الذي تتجلى فيه وبواسطته غالبًا العوامل الأخرى الأمنية والاقتصادية والسياسية وسواها، ولقد تحوّل إلى وعاء تختزل فيه أدوات الصراع والمنافسة والتحدي في صورة مدهشة».
ويؤكد الباحثون والمهتمون بالشؤون الإعلامية والتقنية والسيكولوجية، على أن التقنية وبخاصة الحواسيب الشخصية والمسجلات "مسجلات الفيديو"
وبعض منجزات الإلكترونيات الأخرى تقوي الفردية لدى الناس وتضعف روح الجماعة، وكثافة الاختلاط فيما بينهم لأن تقنية المعلومات مبنية أساسًا على الاستخدام الفردي، وتحدّ من الاختلاطات المباشرة، إن موجة التقنية والمعلوماتية تبرز على السطح ضروبًا من الاغتراب والاستلاب عامة ولاسيما ما يسمى "اغتراب المعرفة" و"الاغتراب المعلومي" ولعل أحد جوانب هذا الاغتراب شعور الشخص بدونية أو تقصير أو نقص تجاه بعض إمكانات الآلة المتنامية باستمرار، ويرى البعض أن المنطق الآلي الصارم وتعامل الإنسان معه قد يؤديان مع الزمن ومن الوجهة السيكولوجية على الأقل إلى فقدان حس الإبداع أو المقدرة عليه، لنتذكر أهمية الخيال والأحلام واللاشعور واللاوعي وكافة أشكال الخروج على المنطق والمألوف والسليم أيضًا أهمية ذلك كله في تاريخ الإبداع والاختراعات البشرية المرموقة، ومن المظاهر المنتشرة في عصر المعلوماتية والتقنية والتي تسهم في تنمية العزلة الاجتماعية أو تشارك في إنشاء واقع اصطناعي بديل للواقع الفعلي الألعاب الإلكترونية وموديلات ونماذج الواقع إلكترونيًا ولاسيما في ظل انتشارها بين الجماهير، وبالنسبة لمجال العمل والعاملين فمن الواضح أن الحواسيب تطرد عددًا لا يستهان به من العمال في مجالات كثيرة ومتنوعة وتنشر البطالة في صفوف واسعة من العمال في اختصاصات كثيرة فهي تنزع العمل عن الإنسان، وللحواسيب دورها في مراقبة العاملين، أيضًا فالرقابة الإلكترونية تعمل في أماكن كثيرة من حالات الإنتاج إلى المخابر والمكاتب وللشعور بالمراقبة الدائمة آثاره السلبية الضارة وغير المريحة على نفسية العاملين إذ يمس "بتحديق" عين إلكترونية ساهرة لا يغمض لها جفن، وتشير الوقائع إلى حدوث حالات لم يتحمل الناس فيها استمرار هذا الوضع فكانوا يهجمون على آلات تصوير أجهزة الفيديو أو الحاسوب بهدف تهشيمها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- معن النقري (المعلوماتية والأخلاق)، مجلة المعرفة السورية، أيار، 1996م، ص168.
2- محمود حيدر (إيديولوجيا المشاهدة)، صحيفة الثورة السورية، 23/2/1997م.
3- صحيفة البيان الإماراتية، عدد 6189، 20 مايو، 1997م، ص36.
4- حسين العودات (الثقافة العربية والتحدي التكنولوجي)، مجلة المعرفة، آذار، 1997م، ص66.
5- جول سويردلو، تعريب محسن حافظ (ثورة المعلومات)، (الثقافة العالمية)، أيار، 1996م، ص83.
6- مجلة (عالم الفكر)، ملف (الإعلام المعاصر)، عدد (221) 1994م، المجلد 23.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minbar.yoo7.com
 
علاقة التقنية بالثقافة والأخلاق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منبر الثقافة و المجتمع :: مقالات-
انتقل الى: