هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 معضلة أحياء الصفيح بالمغرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mustapha
المدير العام
المدير العام
mustapha


عدد الرسائل : 399
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 22/01/2008

معضلة أحياء الصفيح بالمغرب Empty
مُساهمةموضوع: معضلة أحياء الصفيح بالمغرب   معضلة أحياء الصفيح بالمغرب Emptyالأربعاء أبريل 23, 2008 4:42 am

معضلة أحياء الصفيح بالمغرب
سكن هامشي أم سكان مهمشون؟


ما لهذه الأحزمة البائسة تطوق مدننا؟ وما لهذا الفقر المذقع يسيج واقعنا ويرفض الرحيل من بين ظهرانينا؟ أحياء "سكنية" تنتصب في الهامش, وسكان "هامشيون" أيضا يتجرعون يوميا مرارة الضياع في زحمة الوطن!

ففي أغلب مدننل المغربية تلوح أمامنا "براريك" و "نوالات" نسميها خطأ – ربما للتورية بأحياء الصفيح!, تمتد أمامنا حالكة فادحة! وهي تفتقر إلى أدنى شروط العيش الكريم!

إن هذه الفضاءات السكنية مازالت أرقامها الحقيقية بعيدة المنال, أولا لتناسلها المتواصل ولعجزنا البين في تحديد النسل الصفيحي, وثانيا لكون الإحصاء الأخير للسكان والسكنى قام "بتشفير" رقم "البراكة", وبذلك يتعذر الوصول إلى العدد الحقيقي للبراريك المغربية بين الإحصائيات المسكونة بالهاجس الأمني, الحريصة جيدا على أن تكون عامة وغير مرتبطة بالمتغيرات الأساسية!!!

ولكن بالرغم من سياسة الإخفاء التي تنتهج قصديا وعفويا, فإن السكن الهامشي يفتضح أمره قبالتنا يوميا من خلال مسلسل الحرائق وظواهر الإجرام وحالات الفقر البغيض وغيرها من تخريجات هذا الزمن الرديء, والتي تدل بما لا يدع مجالا للشك أن هناك "مغارب" عديدة.. بعضها يرفل في أبهاء الغنى الفاحش, والبعض الآخر يرزخ تحت نير الفقر والصفيح! فمآسي الذين قدر لهم العيش المبتور في الحي الصفيحي لا ينتهي, كعذاب الشتاء والصيف, وهكذا تكون "القطرة" – كما يقول "الصفيحيون"- صديقة لهم خلال برد "الليالي", وصهد الزنك طاردا لهم من "ديارهم" عندما تلهب سياط الشمس السقوف المثقوبة!! ناهيك عن اختناقات الواد الحار المكشوف, وظلام الليل الذي لا ينجلي!

يذكر أن الجامعة المغربية والمعاهد الاجتماعية امتلأت رفوف خزاناتها بأبحاث ودراسات حول أحياء الصفيح وما يعتمل في رحابها من ظواهر وقضايا, هذه الدراسات التي نزل أصحابها إلى الميدان لمقاربة أسباب هذا الانتشار المتواصل للظاهرة, وأبعادها وملابساتها, بقيت وللأسف الشديد سجينة تلك الرفوف, ولم يستفد منها بالمرة في بلورة استراتيجية شاملة لحل المعضلة؟ وبالرغم من كونها قد وضعت الأصبع على مكمن الخلل الذي نجم عنه سكن هامشي يؤمه سكان هامشيون أو بالأحرى مهمشون ومقصيون من دائرة الأولويات الرسمية!

وتأسيسا على ما اهتدى إليه كثير من هذه الدراسات فأحياء الصفيح نتيجة مركزية لسياسات التفقير والتهميش, فهذه "الأحزمة البئيسة" لم تأت من فراغ, وإنما نجمت بالأساس عن عدم وضوح الرؤى وغياب التخطيط المعقلن, وبذلك تشير ملامحها إلى الإفلاس الواضح للمشروع المغربي المتبع في ميدان الإسكان وما يرتبط به من انعطافات مجتمعية! ولابد من الإشارة إلى أنه كلما أثير حديث ساخن أو بارد – تبعا للخلفيات المحركة- حول هذه المعضلة, إلا وتم ربطها بالهجرة القروية, هذا الربط الذي يكون أحيانا فيه عسف واختزال كبيرين لعمق المشكل. فلا أحد بالطبع يمكن أن ينكر بأن لأحياء الصفيح اتصالا وثيقا بسيول الهجرة نحو المدن والتي تنامت بشكل مهول مع بدايات هذا القرن وبالضبط في فترات الجفاف, ولكن هذا لا ينفي وجود عوامل أخرى تنأى عن فضاء القرية وتنحبس في المدينة ذاتها, فليست الهجرة القروية وهي السبب الرئيسي المؤدي إلى انبتات هذه "الديار الطللية" في هوامش المدن, وإنما يرقد وراء هذه الهجرة القسرية من ظروف استغلال و"تضييق الخناق", والتي يتعرض لها الفلاحون الصغار هي السبب, وما يصادف أيضا هؤلاء "الراحلون" من "عنف المدينة" وغلاء معيشتها وتدني أجورها وأشياء أخرى تنحو منحى فجائيا أكثر فأكثر, هي كلها لا تجعل "القرويين الجدد" فقط "يفضلون" العيش المقزم تحت الصفيح, بل حتى "أولاد البلاد/المدينة/: يضطرون للانغمار في دروب الأحياء المهمشة برفقة الأزبال المزكمة للأنوف و"قطرة" الشتاء و"صهد" الصيف!

إذن هي أسباب أكبر من الهجرة القروية التي نلصق بها التهمة, أسباب قريبة جدا من سياسات الإسكان الفاشلة والعناية الاجتماعية المناسباتية, والتفقير والتبذير الكارثي!

لقد أنشئت في وقت سابق وكالة وطنية لمحاربة السكن غير اللائق, ولكن الذي بدا جليا هو أن الحرب لم تشن بعد على هذا السكن الذي يعترف رسميا بأنه غير لائق, فكما سلف الذكر فأرقام البراريك آخذة في الارتفاع, والهامش استحال إلى مركز تبزغ فيه كل حالات الشذوذ المجتمعي. وكم من قروض قدمت لنا على أساس اقتلاع هذه المساحات الخشبية/الصفيحية؟ وكم من حساب إداري تضمن بنودا مالية منتفخة لإعلان هذه الحرب التي لم تقرع طبولها بعد؟! فكيف السبيل إذن إلى العيش في ظل مدن لا تذرف دموعها المالحة, ولا تحتزم الفقر والفاقة من كل جنباتها!

فالحق في السكن اللائق والكريم لا يتجزأ من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, ولهذا فبناء دولة الحق والقانون والمضي قدما في نهج تكريس هذه الحقوق وتطويرها لا يمكن أن يستقيم إلا بالاعتراف والعمل على تنفيذها في أرض الواقع, بضمان سكن كريم لكل مواطن.. وهذا بالطبع لن يكون إلا بالمراجعة الشاملة لسياسات الإسكان والقطاعات الاجتماعية والفلاحية أيضا والاستمرار في مسلسل الأوراش الكبرى وصولا في الأخير إلى "مغرب واحد" تتحقق فيه مواطنة المرء وكرامته.. ويغيب من دنياه "السكن الهامشي والسكان المهمشون".





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minbar.yoo7.com
 
معضلة أحياء الصفيح بالمغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منبر الثقافة و المجتمع :: مقالات-
انتقل الى: